العلاقات الإنسانية .. بين صراع المبادئ والمصالح
أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2023/12/01 ، بمشاركة الدكتور "سعيد الشهابي"، تحت عنوان :"العلاقات الإنسانية، بين صراع المبادئ والمصالح".
افتتحت الأمسية بآيات بينات من كتاب الله العزيز، ثم اعتلى الدكتور "سعيد الشهابي" المنبر وبدأ بحثه باعتبار صراع المبادئ والقيم من جهة والمصالح من جهة أخرى هي ظاهرة عامة موجودة عند كل إنسان، وأن مستوى هذا الصراع يعلو ويهبط في كل الأحداث التي يواجهها البشر على طول مسيرتهم الإنسانية، باختلاف الموقعيات. وأعطى الدكتور أمثلة عن بعض التوجهات الفكرية في هذا البحث معتبراً أن أداء التكليف هو من أهم مصاديق تحقُّق المصلحة التي يستنبطها الفقهاء من مصادرها الأساسية بغض النظر عن رؤية المصلحة الشخصية التي يراها الفرد لنفسه.
ثم أتى الدكتور على شرح التعاريف الأدبية لكلمة "مبدأ"، المرتبطة كمفهوم بالأيديولوجيا والسياسة بكل تفرعاتها وما شهده العالم من أنظمة شرقية وغربية في التاريخ الحديث وتأثيرها على تكوين المبادئ لدى التفكرات المختلفة. ثم قام بشرح مفصل لنظرية "مبادئ الدول" والتي هي عبارة عن الدساتير التي تحكم العلاقة بين الحُكام والمحكومين، والتي تعتمد على مبدأ العدل، معتبراً أن أصل مشاكل الدول العربية والإسلامية يكمن في غياب العدل في هذه الدول التي من المفترض أن تكون مؤسَّسة على مبدأ العدل.
كما اعتبر الدكتور أن مصالح الدول تكمن بالمرتبة الأولى في سيادة المؤسسات الشرعية على كل جغرافيا الدولة وعدم السماح بالتفلُّت، إضافة إلى مركزية الحكم وخاصة في الأمن والعسكر وتنظيم الإقتصاد والعلاقات الدولية، مؤكداً أن كل هذه الأمور هي مبادئ سيادية من حق الدولة . وبالتالي فإن المبادئ هي حق لكل إنسان، من الضروري أن يوفر له المحيط الآمن والبيئة الحاضنة للعمل على تحقُّق هذه المبادئ والعيش ضمن نطاقها. ثم طرح الدكتور مثالاً على ذلك الأحداث التي تجري في غزة معتبراً أن المصالح هي التي تحكم الكثير من الحكومات في هذه القضية لا المبادئ، معتبراً أن غالبية الحكومات لم تتدخل مباشرة للدفاع عن أهل غزة نزولاً عند أرجحية مصالحهم مع كيان العدو الصهيوني، منوهاً بعدد من الأفرقاء الذين آلَوا إلا أن يُغَلِّبوا مبادئهم على مصالحهم.
ثم قدّم الدكتور أمثلة عن بعض الدول التي رمت مبادئها التي تتغنى بها عرض الحائط مقابل مصالح لها مع حكومات ظالمة ومنها حكومة "آل خليفة" البحرينية التي أمعنت في ظلم شعبها من خلال التواطؤ الإستخباري لِكَمِّ الأفواه وقمع الحريات وقتل الحقائق. فدول الغرب التي تدّعي الديمقراطية ورعاية حقوق الإنسان تعاني من مشاكل جمّة في ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين من خلال غض النظر عن الكثير من التجاوزات التي تنافي ادعاءاتها ومبادءها مقابل مصالح مالية وسياسية مرحلية. من هنا اعتبر الدكتور أن الأمم المتحدة باتت منظمة شكلية مهمشة لا تلعب دورها بالشكل الصحيح وخاصة في الأحداث الأخيرة في غزة. وأكد الدكتور على حتمية سريان أمر الله سبحانه وتعالى من خلال تقديمه العديد من الآيات التي تبرز هذا المفهوم من الناحيتين العامة والخاصة.
ثم أُعطي المجال لطرح الأسئلة فكانت مناقشة بين الدكتور والحضور حول الموضوع المطروح بشكل عام وتحليل وجهات النظر المختلفة.