الهوية المسلوبة .. قراءة في الوثائق التاريخية للمشهد الشريف ذو المنارتين
في أجواء شهر رجب الأصب وأجوائه الإيمانية والعبادية، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية تحت عنوان "الهوية المسلوبة .. قراءة في الوثائق التاريخية للمشهد الشريف ذو المنارتين"، مساء يوم الجمعة المصادف لــ2024/2/9، بمشاركة الأستاذ " عباس المرشد".
افتتحت الأمسية بآيات بينات من الذكر الحكيم، وقدَّم الأمسية الأخ "علي عبد الإمام"، الذي رحّب بالحضور وقدَّم ملخصاً عاماً حول الموضوع وعرَّف بالأستاذ" عباس المرشد".
بدوره اعتلى الأستاذ " عباس المرشد" المنبر، مقدِّماً صورة تخيلية لمسجد "الخميس" الذي تمَّ التعبير عنه بـ"المشهد الشريف ذو المنارتين" الذي لا يُعدُّ غريباً على أي بحراني، ويُعتبر جزءاً من هوية البلاد، في ظل كل محاولات التشويه والتحريف التي تعرّض لها هذا المعلم التاريخي لسلخه من وجدان الشعب البحراني.
وتعود قِدْمة هذا المسجد إلى 1400 سنة عندما بُنِيَ سنة 10 للهجرة وأقيمت فيه أول صلاة جمعة بعد مسجد النبي(ص) . وتأثر بروز هذا المسجد وخفوت وهجه، بالأحداث السياسية العسكرية التي كانت تسيطر على أجواء البحرين منها ما شهدته خلال مئتي سنة من حكم "القرامطة" الذين حرقوا كل مساجد البحرين، ضمن سير تاريخي لشروط التأسيس والظروف التاريخية المؤثرة، شرحه الأستاذ بالتفصيل، معتمداً على صور ووثائق لبعض المحققين العرب والرحالة الذين كتبوا في التاريخ البحريني.
ثم تطرأ الأستاذ إلى المرحلة التي أُعيد فيها بناء المسجد، خلال الحكم "العيوني" كونه كان عبارة عن دولة شيعية، من خلال بعض النقوش والحفريات التي تدل على رابطة أولئك القوم بأهل البيت(عليهم السلام)، وتحوُّله إلى مركز للحوزة العلمية وتجمعاً للعلماء.
واعتبر الأستاذ أن القرن العاشر كان شاهداً على تحويل هذا المسجد إلى مركز لتنصيب الحاكم الديني وبالتالي يكون قد اكتسب مكانة أرفع من خلال اعتباره مكاناً لتقليد "شيخ الإسلام" مقاليد الحكم وتتم مبايعته من قبل مجمع الفقهاء في هذا المكان. ثم تحدث الأستاذ عن اهتمام المستعمر البريطاني بوضع صورة المسجد المذكور في خرائطه دلالة على المكانة الخاصة التي كان يحظى بها في عقول ووجدان الحضارات التي مرَّت في تاريخ البحرين، إضافة إلى بعض النقوش التي أرّخ لها الرحالة البريطانيون والذين ذكروا بدورهم وجود أسماء أئمة أهل البيت في النقوش التي رأوها في المشهد الشريف.
ثم بعدها تكلم الأستاذ عن وضع المشهد ذو المنارتين خلال فترة القرن الماضي، حيث حاول "آل خليفة" طمس الهوية الشيعية للمسجد من خلال سرقة العديد من الإشارات والنقوش التي تتضمن أسماء الأئمة وأهل البيت(عليهم السلام)، متذرعين بعمليات الترميم التي فقد المسجد على أثرها الكثير من هذه الإشارات والنقوش.
ثم عرض الأستاذ نسخة عن مراسلات حصلت من أبناء المنطقة وبعض الفقهاء يحتجون فيها على مصادرة الحكومة للمسجد وتحويل ملفه من مديرية الأوقاف إلى مديرية الآثار في عام 1972.
ثم اختتم الأستاذ كلامه بالتأكيد على ضرورة فهم بعض المحاولات التي حاولت تحريف تاريخ تأسيس المسجد وإرجاعه إلى زمن "عمر بن عبد العزيز" للقول بأن البحرين أموية الهوى، في وقت بقي فيه هذا المسجد عنواناً صارخاً لعلاقة البحارنة بأهل البيت(عليهم السلام).