الأمسية الرمضانية الأسبوعية ليوم الجمعة الثانية
في أجواء شهر رمضان المبارك، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2024/03/22، بمشاركة الدكتور "سعيد الشهابي"، والشيخ "علي الكناني".
ضمن فقرة مفاهيم قرآنية، رحَّبَ الدكتور "سعيد الشهابي" بالحضور وطرح في بحثه نماذج عن الأخلاق التي ذكرت في القرآن الكريم، فاعتبر أن الصدق هو أحد مصاديق الحسنات الكبرى الموجودة عند الإنسان، وصفة جميلة، في وقت كان فيه الرسول(ص) يُدعى بالصادق الأمين، ولطالما وُصف بأنه على خلق عظيم. فوردت كلمة الصدق ومشتقاتها في القرآن الكريم 153 مرة. وأكد الدكتور على إعطاء القرآن الكريم لتعهد الصدق مع الله سبحانه وتعالى والمداومة عليه والإلتزام به أهمية قصوى، ونبذ النكث بالعهود وعدم الإلتزام به وضرورة تنفيذ هذا الصدق في الواقع .
واعتبر الدكتور أن الصادقون هم دون الأنبياء في الفضيلة كما تُبيِّن الآيات القرآنية، وضرورة قول الحق والصدق والإبتعاد عن الكذب كونه منجاة. وحث الدكتور الحضور على ضرورة تربية أنفسنا على الصدق مع كل من عاهدناهم من أسرى ومعتقلين وقضايا هذه الأمة.
ثم اعتلى الشيخ "علي الكناني" المنبر، فقام بتلخيص سريع للمحاضرة السابقة التي تكلم فيها عن تعريف النفس والجوهر ومصاديقها الواقعية والآثار والنتائج المحصَّلة في معرفة النفس من خلال معرفة النفوس السبعة وقام بتعدادها. وأكد الشيخ أن النفس الإنسانية تتميز بمقامات ومراتب ورتب، ينتقل فيها الإنسان بين حالات مختلفة وكل نفس لها حجاب بعضها كثيف والآخر لطيف ولها قابلية الإرتقاء.
كما اعتبر أن النفس التي تقع تحت حكم الشهوات تسمى بالنفس الأمارة ومن مصاديقها حب الذات والظلم والجور والبخل والشره والشهوة والحسد وسوء الخلق وغيرها من الصفات السيئة التي وصفها الإمام زين العابدين(ع) بأنها نفس بالسوء أمارة والى الخطيئة مبادرة ميالة للهو واللعب ومملوءة بالغفلة، واعتبرها أقرب إلى الحيوانية وغير متعقِّلة إذا لم يلجمها لجام العقل ولا تُميِّز الحلال عن الحرام ولا الحق عن الباطل.
وأكد الشيخ على ضرورة معرفة شؤون هذه النفس لمن يريد السير والسلوك نحو الله(جل جلاله)، وضرورة معرفة أحوالها وأذكارها لما تمثل من دواء لهذه النفس، التي لها ظاهر وباطن ومراتب في ذاتها. وتختلف النفس البشرية من شخص لآخر باختلاف صفاتها وعبَّر عن مخاطرها رسول الله(ص) من خلال قوله :"أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك".
ويكون الإنسان مضطرباً وغيرَ سويٍّ نتيجة قربه إلى عالم النفس الأمارة فتبقى عنده تراشيح من الظلام وعدم انسجام وبالتالي يعاني من عدم استقرار . وأكد الشيخ أن البعض يمكن له أن يصل إلى مرحلة العشقية والتوجه إلى الله بحالة الوله والهَيَمان والمحبة المطلقة لله سبحانه وتعالى على مبدأ عدم الخوف من نار أو الطمع في جنة وإنما على مبدأ الذوبان في الله محبة لله وعشقاً له.
من هنا تصبح نظرة الإنسان نظرة غير مادية بل نظرة متعالية فيرى الله سبحانه وتعالى في كل شيء ينظر إليه سواء كانت آيات أفقية أو أنفسية أو تدوينية على مبدأ :" ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وفيه وبعده". وهنا لا يوجد مكان للنفس الأمارة بعد أن تُنسى الشهوات وتصبح النفس مطمئنة مع هذا الانتقال الذي يحصل للنفس بعد تخليها عن الإضطرابات والشهوات، إلى أن تصل إلى مستوى النفس الراضية عندما تسقط كل المصالح من عين الإنسان. فإذا وصل الإنسان إلى مرحلة الرضا التام وعدم وجود أية أغراض دنيوية يرجع الإنسان هنا إلى مستوى النفس الكاملة.
ثم سمح المجال للحضور لطرح الأسئلة والمداخلات، فاعتبر الشيخ في جوابه عليها أن النفس هي واحدة لكن أحوالها التي تتغير فتختلف مقاماتها بين الشيطانية والملكوتية.