إستشهاد الإمام جعفر الصادق عليه السلام
بمناسبة حلول ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2024/05/03، بمشاركة سماحة السيد "عبد المنعم السوداني".
اعتلى السيد "عبد المنعم السوداني" المنبر، فاعتبر أن المعرفة وقدرة الإنسان على العلم والتعلُّم تميِّز حركة الأنبياء والرسل على مر التاريخ كونها أمر فطري، ومن هنا جاء حصر النبي(ص) للعلم بالإمام علي(عليه السلام) عندما قال :"أنا مدينة العلم وعلي بابها". من هنا تتم معرفة وتحليل مسيرة الإمام الصادق(عليه السلام) من خلال نشره للعلم في كل نواحي الحياة، والآثار التي تركها في جميع جوانب العلوم. ولفهم هذه المسألة ابتدأ سماحته بحثه الفلسفي من خلال طرح أسئلة حول ماهية الإنسان وكينونته معتبراً أن الدين هو العلم الوحيد القادر على الإجابة على مثل هذه التساؤلات باعتبار أن العلوم العصرية لم تصل بمعالجاتها السطحية إلى النتائج المُرْضِية التي يبحث عنها الإنسان بكينونيته الإنسانية.
ثم جاء سماحته على السيرة النبوية وعلاقتها بالعلوم من شخص الرسول(ص) إلى الإمام علي(عليه السلام) الذي اعتبره نسخة عن شخصية النبي(ص) ثم الإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام) وما تمثله تلك الحقبة من عمومية الخطاب تجاه العوام إلى أن اتخذت خصوصية معينة بعد الذي فعلته الأمة بالإمام الحسين(عليه السلام)، فكان عمل الإمام زين العابدين(عليه السلام) مخفياً بمعظمه وتفجَّرَ على يدي الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام) وهنا تأتي خصوصية الإنتماء لمدرسة أهل البيت(عليهم السلام) في تلك الحقبة الزمنية.
هذا المحور كان جوهره الإنسان، ظهر ذلك في الكثير من نقاشات الإمام الصادق(عليه السلام) مع أصحاب الإختصاصات المختلفة، من خلال إدخاله حقيقة المعرفة بالإيمان. وتكلم سماحته حول أهمية معرفة معنى العبودية لله والبناء عليها لنيل المعرفة الحقيقية التي يرمي إليها الإنسان على مبدأ الآية الكريمة:"ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله"، واقتراب الإنسان من حقيقة العبودية إنما يؤدي إلى تعرُّفه على طريق الحق. هذه المعرفة بالعبودية إنما تصل إلى أوج شرحها وتفصيلها في مدرسة الدعاء التي سنها الإمام زين العابدين(عليه السلام).
واعتبر سماحته أن الله(جل جلاله) أعطى الإنسان الفطرة والعقل لإدراك الحقائق ثم أرسل إليه أنبياءه ورسله ثم جعل له قادة واصطفاهم، كل ذلك بهدف الحفاظ على الهوية والتكامل للوصول إلى الفلاح. من هنا يجب على الإنسان التسليم بأن الأنظمة والقوانين التي تؤدي بالإنسان إلى الفلاح المطلوب يجب أن تأتي من صانع كينونته الإنسانية وهو الله(جل جلاله) ويأتي ذلك عبر الأئمة(عليهم السلام)،لذلك يعتبر وجود الإمام هو ضرورة تكوينية مرتبطة بطبيعة الأشياء وليست أمراً عابراً. وأكد سماحته أن مدرسة الإمام الصادق(عليه السلام) امتدَّت في زمانه إلى كل أصقاع الأرض وكان الآلاف من تلامذته يقولون: "حدثني جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام)"، لا بل إن البعض كان يدَّعي التتلمذ على يدي الإمام الصادق(عليه السلام) نظراً للأهمية والمصداقية التي اكتسبتها مدرسته وعلومه.
بعدها ذكر سماحته بعض رسائل ووصايا الإمام(عليه السلام)لشيعته وللناس أجمعين في الكثير من البحوث، والنقاشات الغنية المنقولة عنه والتي أجراها مع بعض محدثي تلك الحقبة الزمنية. ثم جاء سماحته على الحوادث التي سبقت استشهاده من محاولات اغتياله من خلال القتل ودس السم أكثر من مرة واهمتامه بوصيته لقرابته عندما أوصاهم قائلاً:"لا تنال شفاعتنا يوم القيامة مستخفاً بالصلاة"، إلى أن غادر هذه الدنيا متأثراً بسُمِّه.