البرنامج الأسبوعي

الجاليات المسلمة في الغرب: تحديات الهوية والتقريب

تحت عنوان:" الجاليات المسلمة في الغرب _ تحديات الهوية والتقريبب"، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2024/12/27 ، بمشاركة الباحث الإجتماعي العراقي الأستاذ "عبد المحسن الركابي".

في البداية لخص الأستاذ "عبد المحسن الركابي" بحثه بعنوانين أساسيين هما: تحدّي الهوية والتقريب بين الجاليات العربية والمسلمة.

وفي تعريفه الهوية كمصطلح اعتبر الأستاذ أنها مفهوم يعبر عن الإنسان وكانت أمراً بسيطاً قبل ظهور الإسلام عندما كان الإنسان ينتسب إلى قبيلته بشكل سطحي، وأصبح هذا المفهوم مركباً مع ظهور الإسلام الذي عرَّف الإنسان بشكل متحضر بعد ازدياد العناصر التي تكوِّن الهوية. ومَيَّزَ بين هوية الجاليات المختلفة العربية وسواها، كون الجاليات الأخرى استطاعت أن توحد نفسها ضمن إطار محدد ومعروف من خلال الإنتساب إلى بلد معين وبالتالي إلى مسمى واحد، أما الجالية العربية فهي عبارة عن جاليات وليست جالية واحدة وهي بحاجة إلى تقريب كون التوحيد أمراً مستحيلاً في المدى المنظور.

وأكد الأستاذ أن التقريب بين الجاليات المسلمة في الغرب إنما هو بحاجة إلى تنفيذ مفهوم التعاون الوارد في الآية الكريمة:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، وهو مسلك مفيد وقيِّم بالنسبة للبشرية جمعاء وليس فقط للمسلمين. ومن بين الجاليات العربية والمسلمة اعتبر الأستاذ أن الجالية اليمنية هي أول جالية قدمت إلى بريطانيا، وما زالت موجودة حتى يومنا هذا،  وأثنى الأستاذ على تجربتها الإستثنائية في التنظيم وإدارة أمور الجالية التي يرقى عدد أفرادها إلى ما يتجاوز الثمانين ألفاً. إلا أن تجربة المسلمين في الهجرة وتشكيل الجاليات نجحت في بعض الأماكن وفشلت في أخرى. وتطرأ "الركابي" إلى المشاكل التي تعاني منها الجاليات العربية والإسلامية في الغرب عامة، منها مشكلة الفقر المتفاقم بين أبناء الجاليات، مع وجود عدد من رجال الأعمال ومدراء المؤسسات الميسورين لا بل الأغنياء الذين قد تُحسب أموالهم وممتلكاتهم على الجالية التي ينتمون إليها إلا أن مخرجاتها ليست ملموسة لدى شريحة كبيرة من أبناء هذه الجاليات.

ومن المشاكل التي يمكن ذكرها هو سكن أبناء الجالية في أماكن متباعدة ما يصعِّب عملية التقريب المطلوبة، إضافة إلى عدم اهتمام أبناء الجاليات وخاصة العربية في مسألة مشاركتهم في العملية السياسية في بلد الإغتراب، مقارنة بمشاركات الجاليات الأخرى، ما يُعدُّ فقراً سياسياً واضحاً للجاليات العربية. واعتبر الأستاذ أن فقدان التعاون بين الجاليات العربية والمسلمة يشكل السبب الأبرز في نشوء هذه المشاكل. وعرَّجَ الأستاذ على مسألة إهمال الحكومات المتعاقبة لمطالب الجاليات ما أدى إلى نشوب مظاهرات واعتراضات، كما أشار إلى أن الإنعزالية والخوف لدى بعض الجاليات التي نقلت مشاكلها السياسية والشخصية إلى بلد المهجر كان سبباً في تبطيء عملية التقارب المفترضة، لكن الوعي الذي انتشر مؤخراً، حَوَّلَ المهاجر من لاجئ طارئ على الحياة السياسية في بلد المهجر إلى مهاجر يحس بالإنتماء إلى بلد المهجر يظهر ذلك جلياً في الجيلين الثالث والرابع.

أما بالنسبة للأمور المشجعة التي تساعد على التقريب هو إسلام هذه الجاليات كونه يحث على الطبيعة الشعائرية، منها عيدَيْ الفطر والأضحى وصلاة الجمعة والصلوات اليومية، واهتمام خاص بالدين الإسلامي الذي يمثل الصبغة الأكبر في الجاليات، إضافة إلى وجود المراكز الدينية والمساجد والحسينيات، التي يفوق عدد الـ1700 في بريطانيا وحدها. وأشار الأستاذ إلى أن التقريب بين الجاليات بحاجة إلى لغة عربية فصحى بسيطة ومخففة بحيث يستطيع مجمل العرب التحدث بها. كما أن تخفيف الحس الطائفي هو أمر يجب العمل عليه لأنه يؤثر مباشرة على عملية التقريب. كما تحدث الأستاذ عن محاولات لتنظيم أمور الجاليات منها وجود مجلس أعلى للجالية، ومجلس للجاليات العربية ككل وآخر للجاليات الإسلامية، ما يساعد على التعاون المطلوب ويشكل قوة سياسية واقتصادية يُعتدُّ بها، تتحقق من خلالها الأهداف وتنعكس استفادة لأفراد كل الجاليات .

بعد ذلك فتح المجال أمام أسئلة الحضور، فاعتبر الأستاذ في رد على سؤال أن للشباب دور بارز في هذا التقريب كونهم يمتلكون مفاتيح الحياة الغربية في اللغة والإدارة والتطور التكنولوجي وغيرها من العناصر، بحيث أنهم هم المعنيين الأكثر في استكمال حركة الجاليات في بلدان الإغتراب.

التسجيل الكامل للفعالية

صور للفعالية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى