ذكرى إستشهاد الإمام علي الهادي عليه السلام
بمناسبة ذكرى إستشهاد الإمام علي الهادي(عليه السلام)، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2025/01/03 ، بمشاركة القارئ الدكتور الشيخ"علي الكربابادي".
افتتح سماحته المجلس بنعي سريع حاكى من خلاله مصيبة أهل بيت رسول الله (عليهم السلام) وما جرى عليهم من مظلومية وعذابات واستشهاد في سبيل إحقاق الحق وتثبيتاً لدين الله جل وعلا، إن كان في القتل أو التسميم بعد مسيرة مفعمة بالتبليغ لدين الله المحمدي الأصيل ودعوة الناس إلى الهدى من أجل رفع روح الإنسانية والأخلاق السامية والمبادئ المتعالية في المجتمع الإسلامي.
بعدها قدَّم سماحة الشيخ "الكربابادي" بحثه حول مسألة الإمامة والشيعة حيث اتخذت تدابير معينة في سبيل المحافظة على كيان هذه الجماعة الأقلية، في وقت تعرض في التشيع إلى أجواء عاصفة ونالتهم ظلامات مختلفة وخاصة في فترة بني أمية وبني العباس. بناء على ذلك كان لا بد من إجراءات معينة للمحافظة على وجود التشيع لا سيما في فترة الإمام الهادي(عليه السلام). فاعتبر الشيخ أن هذه الإجراءات اعتمدت على مبدأ حفظ الوجود الفيزيكي البدني من جهة وحفظ الفكرة والنظرة والتعاليم والقيم الفكرية من جهة أخرى.
فمن ناحية الوجود البدني نقل سماحته أحاديث حول اعتماد الإمام الهادي(عليه السلام) للتقية على مبدأ الحديث القائل: "التقية ديني ودين آبائي وأجدادي ومن لا تقية له لا دين له"، فالتقية في فهم الأئمة ما كانت قضية اعتباطية ولا قصوراً في شجاعتهم وإنما محاولة منهم للمحافظة الفيزيكية على أبدانهم بهدف إيصال المشروع إلى من كان يجب أن يصل إليهم. يظهر ذلك جلياً في قول الإمام(عليه السلام) في هذا الجانب:" لو قلت أن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقاً". فالإمام الهادي(عليه السلام) تعامل مع المجتمع بمنتهى الدقة في أصعب الظروف التي مرت على الأمة الإسلامية بحيث اتسمت فترة إمامته بالسرية والأوضاع الأمنية الخاصة والوشايات.
وروى الشيخ "الكربابادي" بعضاً من المكاتبات العملية بين الإمام(عليه السلام) وأصحابه وزعماء العشائر والنافذين، يظهر فيها الحس الأمني بشكل جلي من خلال طريقة كلامه معهم، ودعوتهم إلى التكتل وعدم التفرق وفهم الصلاحيات وحل الخلافات في دعوة صريحة لهم إلى عدم العودة إليه في كل التفاصيل وخاصة بعد تحديده للضوابط والمسؤوليات والمهام بحيث لا يحدث تداخل أو خلاف على مستوى التشخيص . وهذا كان نمط وأسلوب الإمام الهادي(عليه السلام) وإجراءاته التي اتخذها للمحافظة على هذا الوجود.
هذا ودعا الشيخ إلى التأسي والإقتداء بهذا النمط في كافة الظروف المحيطة بالبيئة الشيعية. وأكد الشيخ على أن المحافظة على الوجود الفيزيكي لا يكفي في مسألة إيصال الدين المحمدي الأصيل إلى المجتمع بل إن الحالة الفكرية أساسية في هذا المشروع. بناء على ذلك روى سماحته رواية تحكي عن مداهمة بيت الإمام(عليه السلام) من قبل العباسيين فلم يجدوا عنده سوى مصاحفاً وأدعية وتوسلات، عندما أخرجوه من مدينة جده وحبسه من قبل المعتصم الذي أمعن في إذلاله ثم أُنزل في دار لفترة من الزمن اتهم فيها الإمام(عليه السلام) بتخزين السلاح فيها، عندها أُمر بإحضاره فأُدخل على المتوكل الذي كان يشرب الخمر في مجلس لهو ورقص بهدف إهانة الإمام(عليه السلام)، إلا أن الإمام(عليه السلام) أنشد شعراً أبكى المتوكل فيه، ما حدا به إلى إرجاع الإمام(عليه السلام) إلى منزله. وبعد هلاك المتوكل خلفه المعتز الذي دس سماً للإمام(عليه السلام) كانت فيه نهاية حياة الإمام الشريفة سلام الله عليه.
بعد ذلك تعرض الشيخ الكربابادي إلى مصيبة الإمام الهادي(عليها السلام) عند احتضاره بعد أن كان قد سلم الراية لابنه الإمام العسكري(عليه السلام)، وكان توصيف للحظات الأخيرة من حياته الشريفة وما تخلل ذلك من مشاعر وأحاسيس جياشة اختلجت في عقل وقلب ووجدان إمامنا العسكري(عليه السلام) بعد الأثر الذي تركه السم في بدن أبيه وهو مسجى في حجرته، والمصيبة التي وقعت عليه في تلك الليلة العصيبة.