
صراع القيم والهوية: الإمام الحسن (ع) أنموذجاً
إحتفالاً بمولد الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) وتحت عنوان: "صراع القيم والهوية: الإمام الحسن(عليه السلام) أنموذجاً"، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2025/03/14 ، بمشاركة الدكتور "سعيد الشهابي" والدكتور "جلال فيروز" والشاعر "وحيد خيون".
في البداية افتتح الدكتور "سعيد الشهابي" الحديث ضمن فقرة "مفاهيم قرآنية"، فقام بتفسير الآية القرآنية التالية: الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ۗ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.
وهذه الآية من سورة آل عمران كانت قد نزلت بعد معركة أحد، فاعتبر أن في الآية سجالاً وتلاوماً يقوده القاعدون عن المهمات الصعبة والمنسحبون في الملمات والمتلكئون في استجابة النداء القرآني. وهذا الأمر هو ظاهرة تتكرر عبر التاريخ في وقت نعيش فيه اليوم هذه الحالة.
وأكد الدكتور أن هذه الفئة من الناس إنما هم ضعيفو الإيمان والمنافقون الذين يقولون على ألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وهذا حال الذين لم يطيعوا رسول الله(ص) في معركة أحد فكانت لذلك عواقب وخيمة. واعتبر الدكتور أن لهذه الفئة أثراً سلبياً على مجريات الأحداث لما تلعبه من دور الإعلام المضاد وفرض حرب نفسية تؤدي إلى بث الإحباط وتثبيط العزائم وبث روح التلاوم والجدال العبثي غير المفيد.
بعد ذلك اعتلى الدكتور "جلال فيروز" المنصة وافتتح حديثه ببعض التواشيح والأبيات الشعرية حول المناسبة الكريمة، وبارك للحضور ولادة أول نور جمع آل عبد الله وآل أبي طالب عليهم السلام. واعتبر الدكتور أن حياة الإمام الحسن(عليه السلام) أكبر بكثير من أن تحتوى في محاضرة واحدة وإنما هي بحاجة إلى مجلدات للغوص في تفاصيلها وبحث حيثياتها. وأكد الدكتور أن الإمام الحسن(عليه السلام) جاء في زمن كان يعتبر فيه الناس أن هناك انكفاء لحركة مقاومة الظلم والطغيان بعد شهادة والده الإمام علي(عليه السلام) وهو قائد المقاومين في ذلك الزمن وعلى مر العصور. كان ذلك في وقت استطاع فيه الطرف المعادي شراء ذمم البعض بالمال فانزووا عن خط الإمام علي(عليه السلام).
في هذه المرحلة العصيبة جاء الإمام الحسن(عليه السلام) لقيادة الأمة فلم يجد له ناصراً ولا معيناً لكنه لم يرضخ وتصدى للمسؤولية وأخذ بزمام الأمور بهدف إعادة ترتيب ملفات البيت الداخلي وشؤون المؤمنين في ذلك الزمن، في بيئة اجتماعية متقاعسة عن الجهاد، فضَّلَتْ الدنيا على الدين، فكانوا عبيد الدنيا وكان الدين لعقاً على ألسنتهم.
في زاوية أخرى من حياته الشريفة حاول الإمام الحسن(عليه السلام) أن يبقي على الحد الأدنى من حقائق الأمور وعدم انحراف الثوابت والمبادئ في الأمة، يظهر ذلك في قوله : "احذروا أن تكونوا أعواناً للظالم، من أعان ظالماً فعليه لعنة الله".
وتحدث الدكتور " فيروز " عن الصلح الذي وقعه الإمام الحسن(عليه السلام) مع معاوية فاعتبر أن الأمر لم يكن عن هزيمة أو قصر نظر أو تراجع عن المبدأ وإنما كان عن مصلحة الإسلام الأصيل. هذا الصلح الذي بيَّن للناس رذالة الطرف الآخر من خلال نقضهم للعهد والميثاق بعد أن قال معاوية :"لقد عاهدتُ الحسن بعهود وهي تحت قدميّ". فترافقت صورة الذلة والهوان والبلطجة مع شخصية معاوية على مر الزمن رغم كل محاولات تلميع صورته وكان آخرها المسلسل الدرامي الذي حكى سيرة معاوية وحاول تلميع صورته دون جدوى.
بعد ذلك اعتلى الشاعر "وحيد خيون" المنبر، وألقى قصيدة من وحي المناسبة ضمنها معان من فضائل الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) وأخلاقه المتعالية وتساميه وكرمه وكل الخصائص التي رسمت شخصيته المباركة، وسط جو من تفاعل الحضور واستحسانهم.